الحل الوحيد لإنقاذ مصر هو اللجوء إلى خبراء الهندسة الاستشارية

كاتب الموضوع :

محمد الصاوى

الحل الوحيد لإنقاذ مصر هو اللجوء إلى خبراء الهندسة الاستشارية Salaaa7

في مس****** لا تتجاوز الكيلومتر الواحد، وفي قلب واحدة من أكثر مدن العالم ازدحاما، يقع مجلسا الشعب والشوري المصريان، بجوار معظم الوزارات الكبري ومجلس الوزراء وأكبر تجمع للبنوك في مصر.. كل ذلك يقع في مس****** الكيلو متر الواحد، والذي يضم علي أطرافه عددا من فنادق الخمس نجوم النيلية والمؤسسات الدولية والسفارات..ولسنوات طويلة لم تفكر الحكومة المصرية في حجم الكارثة التي قد تصيب مصر إذا ابتلعت كارثة طبيعية أو بشرية مس****** هذا الكيلومتر، وربما لم تتصور أبدا إمكانية أن تحدث هذه الكارثة، لكن استيقظت الحكومة فجأة من سباتها العميق علي بروفة لهذه الكارثة، جاءت لتبتلع جزءا من التراث البرلماني المصري، استيقظت الحكومة علي كارثة حريق مجلس الشوري.

الآن علي الحكومة أن تعيد التفكير مرة أخري في التخطيط العمراني لقلبها الإداري، حتي لا تتكرر مأساة حريق الشوري، لذلك تحاول الفجر أن تستطلع آراء عدد من كبار خبراء واستشاري الهندسة في مصر، ليقدموا للحكومة روشتة الشفاء من ورم التكدس الإداري الذي تعاني منه في منطقة "الكوارث الحكومية" أو شارع قصر العيني سابقا.

فور إعلان الفجر عن دعوتها لوضع روشتة لإنقاذ تراث مصر البرلماني من كارثة حريق جديدة، وافق علي الدعوة كل من د.صلاح زكي أستاذ العمارة بجامعة الأزهر ونائب رئيس الاتحاد الدولي للمعماريين سابقاً وعضو لجنة العمارة بالمجلس الأعلي للثقافة، والمهندس الاستشاري صلاح حجاب مقرر لجنة العمارة بالمجلس الأعلي للثقافة، ود.حماد عبدالله حماد أمين عام منتدي الهندسة الاستشارية وعميد كلية الفنون التطبيقية الأسبق.

* هل هناك تفسير معماري لحريق مجلس الشوري بهذه الطريقة؟

د.حماد: عندما انتقلت إدارة مصر من القلعة إلي لاظوغلي في عام 1886،كانت الحكومة المصرية تحكم 4 مليين نسمة فقط، والآن تدير الحكومة مصالح 80 مليون مصري من نفس الأبنية التي أنشأها الخديوي إسماعيل، ورغم ان الزيادة السكانية تجاوزت الـ20 ضعفا، إلا ان الحكومة ما زالت محصورة في نفس مس****** الكيلومتر، وكان الامتداد الوحيد الذي حدث هو افتتاح مجمع التحرير.. لدينا الآن خريطة توضح أن مس****** كيلو متر مربع واحد تقع فيها كل المجالس النيابية والوزارات والهيئات والفنادق الخمس نجوم والتليفزيون والبنوك، وجميعها يخدمها شارع رئيسي واحد هو شارع قصر العيني ذو الاتجاه الواحد والذي يقسمه رصيف إلي نصفين، ولم تعتن الحكومة بإزالة هذا الرصيف، رغم أنه يقلل فرص إجراء مناورات عند حدوث ي حريق..فحريق مجلس الشوري كما قالوا كان نتيجة ماس كهربائي لا يعلم أحد من ين أتي، فهي شرارة حتي يهتم المعنيون بالهندسة في مصر ليدفعوا الحكومة للانتقال علي الأقل بالمراكز الحكومية بعيدا عن قلب العاصمة، فإذا حدثت كارثة مثل حريق الشوري في ي دولة بمنطقة تشبه في ظروفها شارع قصرالعيني، حتي لو كانت هذه الدولة تمتلك أجهزة إنقاذ رائعة، فإنها لن تستطيع ان تطفيء الحريق أو تنقذ المصابين وسط هذا التكدس المعماري العشوائي، لذلك أقول هنا "ما هو دور المكاتب الهندسية الاستشارية التي لها نقابة معطلة ولها منتدي منذ عام 2001؟ وهي مكاتب تضم أكبر المهندسين الاستشاريين في مصر، إن دورهم الآن هو وضع رؤيتهم لعملية الانتقال الحكومي لخارج التكدس العمراني.

* ماهو البديل الواقعي في الوقت الحالي لعملية الانتقال، حتي لا تتكرر مهزلة الحريق؟ كما أننا نتساءل: لماذا الاستعجال في إعادة البناء خلال 80 يوماً؟ وهل سندخل في منطقة استخدام الأسمنت الحديث لإعادة بناء مبان أثرية؟

د. صلاح زكي : يمكنني أن أضرب مثلا لحالة مماثلة لحريق الشوري،وهو ما حدث للبرلمان الألماني الذي تعرض يضا لحريق ضخم فلم يبنوه في 80 يوما، رغم سهولة ذلك بالنسبة لهم، فقد استغرق بناؤه عاما كاملا، بعد أن دعوا لمسابقة عالمية، وبالفعل تم إنجاز المبني كأروع ما يكون، وكمثال لمستقبل ألمانيا.

المهندس حجاب: ما قيل عن العجلة في إعادة البناء يحتاج لوقفة طويلة هنا، فما أعلنته الحكومة في الصحف ووسائل الإعلام، أن التلفيات التي حدثت فقط هي سقوط سقف قاعة الاجتماعات الكبري وهي التي سيتم تنفيذها في المرحلة الأولي، وبعدها تبدأ المرحلة الثانية الخاصة بتلفيات اخري وتستغرق هذه المرحلة في بنائها ثلاثة أشهر، ولم يقل أحد إن كل الموضوع سيتم إنجازه خلال يومين فقط، كما ان هناك أفكارا مطروحة في عجلة بأن يتم عمل سقف ساقط لقاعة الاجتماعات الرئيسية، وهو ما اعتبره "كلام هجص".

د. زكي: لماذا نفكر في نظام لمقاومة الحريق، وآخر إلكتروني للتصويت في مجلس الشوري وغيره؟ وهل كل ذلك من الممكن ان يتم إنجازه خلال يوم وليلة؟

المهندس حجاب: اعتقد أن النظامين موجودان بالفعل في مجلسي الشعب والشوري، لكنهما للأسف لا يعملان ولا يستعملان من الأساس.

* الواضح أن الكلام يدور علي قرار سياسي بالتنفيذ أكثر منه قرار فني!

د.حماد: مراحل القرار خضعت لدور سياسي، فعندما احترق المبني وحسب ما قيل في برنامج لميس الحديدي مع صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطني ورئيس مجلس الشوري أنه كان في طريقه إلي سيدي كرير، وعندما أبلغوه بخبر الحريق في الساعة السادسة والربع عاد بسيارته في تمام الساعة التاسعة، وكان مجلس الشوري يحترق، وكان الدور الثالث قد انتهي تماما، واثناء الحريق اعلن رجال الاعمال انهم سيتبرعون لبنائه، فكان القرار او الإعلان اوالتصريح الرسمي بالبناء، وبالفعل تم تحصيل مجموعة من التبرعات، وهنا اتخذ الأمر منحي سياسياً مختلفاً، حيث أعلن رئيس الجمهورية قراره بأن الدولة ستبني المجلس علي حسابها.

* اثناء الحريق قالوا سنبني المجلس واتصلوا بشركة المقاولون العرب ، اذن المسألة كلها لا تحمل ي تفكير مسبق لقرار التنفيذ، و صفوت الشريف ومجموعته هم الذين يفكرون وكأنهم مجموعة هندسية استشارية معنية بالتنفيذ!

د. زكي: القرار السياسي عندنا يسبق دائما القرار الفني، وهذه هي المشكلة لأنه يمكن من الناحية الفنية ان تكون المدة المطلوبة لإعادة البناء180 يوما بدلا من 80 يوما ، وما معني ان ألزم الفنيين بهذه المدة القصيرة . فالدور الفعلي للفنيين أن يقولوا ريهم لرئيس الجمهورية، فعندما يقول الرئيس شيئا يمكن أن نقول له هذا غير ممكن.

* البعض قال إن التجديدات التي جرت في مجلس الشوري تمت من خلال اجتهادات لبعض رجال الأعمال بالاستعانة ببعض المقاولين بناء علي تصورات رئيس المجلس، دون ان يكون هناك ي تدخل من الأثريين أوالفنيين أو المرممين.

المهندس حجاب: بعضهم قال إنه استدعي المهندس الاستاذ الدكتور علي عبد الرحمن رئيس جامعة القاهرة السابق كإستشاري لمجلسي الشعب والشوري.

د.حماد: السؤال الذي اطرحه هنا أن مصر بها مؤسسات من اقدم المؤسسات الموجودة في المنطقة، فلماذا لا تتجه الدولة إلي المؤسسات الهندسية ذات الخبرة الكبيرة؟ ولماذا لم تتجه الدولة إلي نقابة المهندسين او جمعية المهندسين المصرية ؟ لماذا نلجأ للأشخاص، ففور ذهاب الدكتور علي عبد الرحمن لمواساة الحكومة في الحادث، أسندت إليه المهمة، وأنا مع احترامي الشديد للدكتور علي باعتباره من كبار أساتذتنا في مصر، أري أنه ليس هو المنوط به العمل في هذا الرمز التراثي بالتحديد.

المهندس حجاب: في هذه القضية بالتحديد، قامت الحكومة باستدعاء الدكتور علي عبد الرحمن ورئيس شركة المقاولون العرب والذي يمتلك إدارة للاستشارات الهندسية، وتم يضا استدعاء فاروق حسني وزير الثقافة بصفته المسئول الأول عن الآثار، فالحدوتة ليست في علي عبدالرحمن، كل ما اتمناه ألا يكون الأداء الفني فردياً، فبحكم العادة يجب أن يكون جماعيا، وان تكون الرؤي خاضعة لمنظومة هندسية، وان يكون هناك تكامل لهذه المنظومة بكل ما تعنيه الكلمة، وقائد هذه المنظومة هو الميسترو المعماري الذي يقود كل عناصرها، وهذا ما ندعو اليه في هذه الندوة.

* لو تخيلنا أن هذا الحريق كان في مبني وزارة الصحة بدلا من الشوري، وفي الساعة 12 ظهرا بدلا من الساعة الخامسة مساءً فما المتوقع في هذه الحالة؟

د.حماد: كارثة بكل تأكيد، وهنا أتكلم عن حل إداري، بمعني أننا لا نستطيع ترحيل ناس في هذه الحالة ولكن نستطيع ترحيل الحكومة

* هل نجحت الحكومة في تفريغ القاهرة بالمدن الجديدة ، كالقطامية و6 اكتوبر والشروق وزيد والتجمع والعبور والعاشر؟ وأقصد هنا ان مخطط هذه المدن الذي اعتمده رئيس الجمهورية، وطلب مناقشته منذ عام 1983 حتي الآن؟؟

المهندس حجاب: هذا المخطط كان يتوقع أن يصل تعداد سكان القاهرة الكبري في عام 2000 إلي 14 مليون نسمة، وبالفعل وصل التعداد إلي هذا الرقم، ولكن في عام 2006 ، ومع ذلك كان المخطط قادرا علي استيعاب المناطق العشوائية داخل القاهرة،بالإضافة لاستيعاب الزيادة السكانية، وذلك من خلال المدن الجديدة بالإضافة إلي 10 تجمعات سكانية حول القاهرة علي مس****** 20 ألف فدان، وعلي مدار 10 سنوات تم توزيع 200 ألف فدان في هذه المناطق، قبل أن يصدر د.عاطف عبيد رئيس الوزراء السابق قرارا بتخصيص الأراضي المخصصة للتجمع 1 ، 3 ، 5 والتي سبق تخصيصها، وكان لشركة المقاولون العرب لدي الدولة مبلغ من المال فباعت لها الدولة 11 ألف فدان ، ثم منحت الدولة لشركة طلعت مصطفي 3 آلاف فدان ، فأصبح جملة المباع 85 ألف فدان.. كل ذلك خلق اختناقا داخل القاهرة بالكامل وليس في شارع قصر العيني فقط.

* هل سيتم بناء مجلس الشوري بنفس الطريقة القديمة أم أن هناك طرقاً أخري؟

المهندس حجاب: المؤكد أنه سيبني بطرق أخري لكنها ضمن المنظومة الهندسية المصرية، فنحن لا نحتاج للاستعانة ب"خواجة"، فما يمكننا ان نطبقه من أكواد وقوانين يضمن بالتأكيد أمن هذا المبني، ويكون هذا نموذجا لما يجب ان يكون في المناطق التراثية الأخري، بدية من وسائل الإنذار والإنذار المركزي والتعامل مع الموظفين في وقت الكوارث، ووجد حاليا وسائل حديثة لإنذار الحريق والاكواد والإطفاء، وهناك 3 أكواد محلية حديثة هي 2000 و2001 و2003، وقد نشرت مؤسسة «الناشيونال فير» الأمريكية طرقاً ووسائل إطفاء حديثة سواء مائية او غازية أو بالشبورة المائية.

* في منطقة قصر العيني يوجد فنادق بها حنفيات حريق وهناك تدريبات تتم بالفعل علي مواجهة الحرائق وإخمادها بالطرق الذاتية، فكيف نواجه هذا التقصير في مباني الحكومة بوجه عام في مجال التأمين أو الأمن الصناعي؟

د.حماد: لدينا في مصر وهذه المنطقة بالتحديد حوالي 10 فنادق ولم نسمع يوما عن احتراق احدها والسبب يرجع لأنها خاضعة للأكواد، بالإضافة إلي وجود وظيفة تسمي "المتردوتيل" وهو المدير المسئول عن مراجعة الإجراءات الامنية في الفندق، وأنا أتساءل ين "المتردوتيل" الخاص بمجلس الشوري، وهو هنا رفعت مطاوع المعني ب"المتردوتيل" في مجلس الشوري، ورغم ذلك كل وظيفته أن يجلس في حجرته في المجلس ليشرب الشي والقهوة، فجميع المباني الأثرية يجب أن يكون لها مدير مثل الفنادق الخمس نجوم.

تسلم ايديك على المجهووووووووووووووووووووووووود يا مودى cheers

الله يسلمك يا عسل